المجذوب لـ”صدى المشرق” في الذكرى الثانية لمجزرة مسجد كيبك

Sada

خطاب الكراهية له ثمنه وقد رأيناه في مسجد كيبك
على الطبقة السياسية ان تأخذ اجراءات حقيقية لمواجهة الحقد على الاسلام وأي دين آخر

صدى المشرق – مونتريال

في الذكرى السنوية الثانية لمجزرة كيبك التقينا الاسبوع الماضي رئيس المنتدى الإسلامي الكندي الأستاذ سامر المجذوب واجرينا معه حوارا حول الذكرى الاليمة “حين قام رجل يحمل في باطنه الاحقاد ويحمل توجهات يمينية متطرفة لم يخفها بعملية القتل البارد في بيت الصلاة” أدت الى استشهاد ستة مصلين وجرح 19 .وبالرغم من وجود ” حملة تعاطف كبيرة ” هناك ” حالات ازدياد الكراهية ضد المسلمين ، وهذه ما تؤكده ” إحصاءات كندا “،كما قال المجذوب. وهو شدد على انه عندما يتعرض لنا احد بالاساءة او الاعتداء “علينا ان نتوجه الى الشرطة لتقديم التقرير حول ما جرى، لان الاحصاءات الرسمية تقوم بشكل اساسي بناء على تقارير الشرطة”. كما اعتبر المجذوب ان “من العيب ان ننسى او ان نتناسى هذه المجزرة

– في السنة الثانية لمجزرة مسجد كيبك ماذا يمكن لكم قوله ؟
تأتي الذكرى الثانية لمجزرة المسجد في كيبك لتعيد اوجاع اللحظات الأولى لتلك المجزرة التي فقد فيها ستة من الرجال حياتهم لا لسبب الا لانهم من المسلمين. لا ذنب لهم الا انتماؤهم الديني الذي كان السبب الرئيسي لعملية الاجرام الارهابية . وهذا يذكرنا بالايتام السبع عشر الذين ما زالوا يستيقظون كل صباح دون ابائهم ، يضاف اليهم الارامل اللواتي يناضلن هذه الفترة لتكملة الحياة بدون دعم الازواج لتأمين حياة كريمة لأبنائهم . اضف الى ذلك الجرح العميق الذي تركته هذه المجزرة في المجتمع المسلم في كيبك وكندا بشكل عام وفي المجتمع الكيبكي والكندي وهي سابقة لم تحصل في تاريخ كندا على الاطلاق حيث قُتل أناس فقط لانتمائهم الديني في مركز عبادي. فهو على المستوى الشخصي وعلى مستوى الجالية والمجتمع له تأثيره العاطفي والنفسي على الجميع.
هذه الذكرى هي في الوجدان ويجب ان تبقى لعدة أسباب : أولا : هناك سبب أخلاقي مهم جدا وهو ان نتذكر هؤلاء الشهداء دائما ليس لفتح الاحزان والبكاء بل لنظهر لابناء الشهداء الذين سقطوا في المجزرة ولعائلاتهم ولاصدقائهم وللمجتمع ان دماء هؤلاء الشهداء لن تذهب هدرا واننا ما زلنا نشعر بآلام العائلة وآلام أبنائهم واصدقائهم . ومن الناحية الاجتماعية هذه حدث كبير جدا وليس بحدث عابر، وليست جريمة عادية ،بل هي جريمة لها بعد سياسي واجتماعي بشكل كبير . وهو استهداف واضح نتيجة اعمال حقد على الجالية والاسلام والمسلمين حين قام رجل يحمل في باطنه الاحقاد ويحمل توجهات يمينية متطرفة لم يخفها بعملية القتل البارد في بيت الصلاة .

– هل هناك تراجع في حالة الكراهية ضد المسلمين ام هي في ازدياد ؟ 
هذه المجزرة ادت الى حملة تعاطف كبيرة وهذه ما اؤكده في كل مقابلاتي . هي أوجدت خطين متناقضين .. خط أظهر التعاطف في المراحل الاولى وفي الذكرى السنوية منذ أيام . أيضا أظهر الكثير من السياسيين ووسائل الإعلام والشخصيات البارزة التعاطف وكلمات التأييد. ولكن في المقابل حالات الكراهية ضد المسلمين هي في ازدياد ، وهذه ما تؤكده ” إحصاءات كندا ” حيث سجلت تصاعد في حملات الكراهية ضد المسلمين ومن خلفيات أخرى أيضا دينية وعرقية . ولكن الواضح ان موضوع كراهية المسلمين لا يزال هو الابرز بل واصبح حالة مرَضية تحتاج الى اهتمام بشكل كبير .

هل من يوثق حالات الكراهية هذه ويقدمها للجهات المعنية للبناء عليها ؟
أريد ان اقسم حالات الاسلاموموفوبيا الى قسمين . هناك حالات يومية يتعرض فيها ابناء وبنات الجالية في كندا كأفراد ، وهناك حالات حقد دائم ومستمر في بعض وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي من دون حسيب ولا رقيب . ومن يدخل الى هذه المواقع يجد ان الامر من غير حدود او قيود . الاشياء التي توثق هي الحالات التي يذهب اصحابها الى اقسام الشرطة ويقدموا هناك تقريرا بما يتعرضون له . ونحن منذ سنوات ، في المنتدى وغيرنا في الجالية وانتم في الجريدة، نحث الجالية على تقديم الشكاوى لدى الاجهزة المختصة عندما يتعرض احدنا سواء في مواقع التواصل او بشكل جسدي للاعتداء ان يتوجهوا الى الشرطة ويقدموا التقارير لان الاحصاءات الرسمية تقوم بشكل اساسي بناء على تقارير الشرطة . واذا تعرض احدنا الى الاعتداء او الاساءة ( سواء كان في العمل او في الطريق .. سواء كانت شتيمة او ما شاكل ) ولم نقدم التقارير الى الشرطة فالمسألة تمر وكان شيئا لم يحصل. المسألة لا تاخذ الكثير من الوقت . لذا ادعو الناس من الجالية وغيرها ان يتوجهوا الى الشرطة عندما يتعرضوا الى أحداث لها ابعاد مرتبطة بالحقد. وعلينا ان لا ننسى انه بناء على هذه الاحصائيات تبنى السياسات المختلفة سواء من الناحية الاجتماعية او السياسية او غيرها . وهناك ايضا البعد السياسي وهذه في غاية الاهمية . على الطبقة السياسية التي لا تهتم الا لنجاحها في الانتخابات حتى لو كان يؤدي الى أذى بعض فئات المجتمع ان تستوعب ان اسلوب الحقد الذي تبثه في الاجواء السياسية تحت اي حجج له ثمنه . وهذا ما نقلناه واكدنا عليه بان خطاب الكراهية له ثمنه وقد رأيناه في مسجد كيبك. لذا على الطبقة السياسية ان لا تكتفي بالكلام فقط بل ان تأخذ اجراءات حقيقية لمواجهة الحقد على الاسلام وأي دين آخر .قصوى في محاربة الحالة المرَضية للاسلاموفوبيا التي تصيب المجتمعات الغربية بشكل عام

انتم تطالبون بتخصيص يوم ضد الاسلاموفوبيا … اين اصبحتم ؟
كما تعلمون ، وانتم شاركتم مشاركة اساسية في هذا الموضوع ، موضوع الاسلاموفوبيا والاعتراف بها وادانتها كان بفضل الله اولا وآخرا وللمنتدى الاسلامي ولجميع من عمل في هذا الامر. في العامين 2016 و 2017 كان هناك تحقيق لبعض النجاحات الاساسية على الصعيد السياسي حيث لاول مرة يتم الاعتراف بوجود الاسلاموفوبيا تم ادانتها في 2016 بعد حملة المنتدى الاسلامي في العريضة وتقديم المذكرة حول الاسلاموفوبيا على الصعيد الفدرالي ومن ثم طلب المنتدى من الحكومة الفدرالية لتقوم بدراسة حول كيفية مواجهة هذه الظاهرة . وهذا تم من خلال المذكرة في البرلمان الكندي الرقم 103 التي قدمتها النائب إقرأ خالد. ومن كان هناك تقديم لجنة عمل من خلال وزارة التراث الكندي التي قامت بتشكيل لجان للاستماع الى آرائهم على مدى سنة كاملة تقريبا ، حيث خرجت بثلاثين توصية لمحاربة كراهية الاسلام وايضا ما تتعرض له المجتمعات الثقافية الاخرى التي هي بدورها تتعرض لما تتعرض له الجالية المسلمة في كندا.
من هذه التوصيات التوصية رقم ثلاثين وهي اعتبار 29 كانون الثاني يوم العمل ضد كراهية الاسلام والتمييز الديني . في العام 2018 قام المنتدى بحملة أخرى ليس فيها طلبا جديدا ، انما حملة جديدة ليتم تطبيق التوصية رقم 30 بالتعاون مع جمعية ” كنديون من اجل السلام في الشرق الأوسط ” وقد حصلنا على دعم الكثير من المؤسسات والاكادميين . وكانت حملة عبر البريد الالكتروني حيث تم ارسال 4500 رسالة حتى هذه اللحظة ( منذ يومين) لرئيس الوزراء الكندي وللبرلمان الكندي للمطالبة بجعل التاسع والعشرين من كانون الثاني يوما للعمل ضد الكراهية للإسلام . وفي التاسع والعشرين من كانون الثاني كنا في البرلمان حيث عقدنا المؤتمر الصحفي في المبنى الجديد للبرلمان الذي مضى على الانتقال اليه يوم واحد لنسجل انعقاد اول مؤتمر صحفي في المبنى. هذا الامر لا تستطيع ان تقوم به مجموعة واحدة او شخص واحد وانما من الجالية كلها مع حلفائها واصدقائها وهم كثر في كيبك وكندا وهم مجتمعون على هذا المطلب المحق. هذا الامر لتحقيقه اهمية قصوى في محاربة الحالة المرَضية للاسلاموفوبيا التي تصيب المجتمعات الغربية بشكل عام

من يعارض هذا الطلب ومن يؤيده ؟
من الناحية النظرية الحكومة الفدرالية المشكلة من حزب الاحرار من المؤيدين ولو نظريا لهذا الموضوع ، وان كان هناك تصريح مستغرب من الوزير بابلو رودريغز ، وهو وزير التراث الجديد في الحكومة حيث قال كلاما غريبا بانه لا يوجد توافق على هذا الموضوع . حيث نعتقد ان هذا الكلام قد يكون له علاقة بالانتخابات القادمة ومحاولته ارضاء بعض الأطراف التي تعارض تخصيص يوم لمحاربة كراهية الاسلام. علاقتنا جيدة وبنّاءة مع الحكومة الفدرالية وكذلك مع حزب الديموقراطيين الجدد . اما حزب المحافظين فهو معارض لهذا الامر . كما ان بعض الاصوات في كيبك وبعض الجهات الاعلامية فيها من المعارضين لهذا الامر لعدة اعتبارات داخلية منها السياسات الشعبوية لبعض الجهات السياسية.
النضال السلمي سيستمر وبحاجة الى تعاون الجميع ولا بد ان يتم تطبيقه . نحن ندرك ان مرحلة الانتخابات مرحلة حساسة وهو لن يكون بسحر ساحر انما بجهود على الجالية ان تقوم بها بالتعاون مع الحلفاء .

– هل الكراهية محصورة في كيبك وما هو الواقع في المقاطعات الاخرى سواء الموقف الشعبي او السياسي ؟
هي ليست محصورة في كيبك وان كانت ظاهرة في كيبك وهذا مؤسف جدا . انتشارها في كيبك اوسع وله علاقة بأحزاب تبني سياسات شعبوية واضحة الاتجاهات وتستهدف ليس فقط الجالية الاسلامية وان يكن استهداف الجالية الاسلامية اكثر وضوحا بالرغم من ان الجالية هي من اكثر الجاليات تواصلا وتفاعلا ايجابيا في المجتمع الكيبكي . حيث معظم ابناء الجالية من المثقفين ورجال اعمال ويتواصلون مع الآخرين . ولكن وللأسف هناك سياسات تحاول افساد العلاقات بين ابناء المجتمع الكيبكي لمصالح سياسية ولايديولوجيات يمينية متطرفة
في باقي مناطق الوطن الكندي هناك ايضا مظاهر للاسلاموفوبيا وباتت مزعجة جدا ومنها حالات عنفية ، وان كنا نشعر بها في كيبك بشكل أكبر

– كيف تقيمون موقف رئيس الوزراء الكندي جوستان ترودو ورئيسة بلدية مونتريال فاليري بلانت ورئيس بلدية بييرفون روكسبورو جيم بيس في الذكرى ؟ 
بالنسبة لرئيس الوزراء الكندي جوستان ترودو لان له ميزة خاصة وايجابية حيث نجد ان سياساته قائمة على التعامل مع كل المواطنين الكنديين ، ومنهم المسلمين، بشكل متساوٍ. وهناك من يحاربه بسبب هذه السياسة المنفتحة تحت عنواين متعددة . هو افضل من أتى على رأس الحكومة في الفترات الأخيرة وهو لا يخجل بمواقفه رغم الضغوطات التي يتعرض لها والحملات التي تشن ضده .
نحن على تواصل مع العديد من رؤساء البلديات ومنها رئيس بلدية روكسبورو ـ بييرفون جِم بيْس الذي بنينا معه علاقة قوية جدا . وهو رجل مبدئي شجاع . وبعد ان تواصلنا معه كان من أوائل من تبنى هذا المشروع داخل البلدية وهذا يسجل له ويقدر له لا بل هو وقف ضد سياسات حكومة لوغو فيما يخص حظر الرموز الدينية وهو على تواصل دائم معنا . وفي ذكرى المجزرة فتح باب البلدية امام المواطنين تعبير عن تضامنهم كما عقد مؤتمرا صحفيا في الذكرى

الحالة المميزة الثانية التي لا بد من الاشارة اليها هي رئيسة بلدية مونتريال فاليري بلانت . بالرغم من الكلام الذي قيل سابقا (ونحن لا نؤيده ) من ان الجالية كانت مؤيدة للسيد دني كودير ضد بلانت في الانتخابات البلدية السابقة كانت هي اول من شارك في ذكرى المجزرة السنة الماضية . وهذا العام حصلت مسألة في غاية الرمزية وهي انها فتحت ابواب البلدية يوم التاسع والعشرين من كانون الثاني لإقامة حفل مشترك مع المنتدى الاسلامي وهذا امر لم يحصل لا في تاريخ مونتريال ولا كيبك ولا كندا وهي ان تتشارك بلدية كبيرة مثل مونتريال مع إحدى المؤسسات التابعة للجالية لتقوم بلقاء مشترك في ذكرى مجزرة كيبك .

– برايكم لماذا انكر رئيس الوزراء الكيبكي فرانسوا لوغو وجود الاسلاموفوبيا في كيبك ثم لماذا تراجع عن ذلك ؟
السيد لوغو له مواقف ملتبسة جدا وسياساته ، كما يراها الكثير من المراقبين، تستهدف الثقافات الأخرى واكثرها وضوحا المسلمين الكيبكييبن. سياساسته ليست امرا مخفيا بل هي واضحة . وهذا ما كان واضحا في اليوم الثاني لانتخابه حين هاجم الحجاب . وقع الاسبوع الماضي في خطأ كبير حين اعتبر ان الاسلاموفبيا غير موجودة في المجتمع في كيبك .. وهو أدرك ذلك. حيث صدرت ردود فعل شديدة جدا حتى من المقربين من حزبه من أكادميين واعلاميين . ولاحظنا ان السيدة فاليري بلانت خرجت في اليوم التالي لتقول ان كراهية الاسلام نعم موجودة . وهذا يؤيده الكثير من الدراسات والجامعات والاعلاميين واعتبارها اعلى نسبة بين كل انحاء الوطن الكندي وبشكل علني أكثر وواضحة أكثر من غيرها في المقاطعات الكندية. فاضطر من خلال المتحدث باسمه ان يتراجع بعد وقت قصير من التصريح .

كيف يمكن ان نبقي هذه الذكرى حية في وجدان الجالية بشكل خاص والمواطنين الكنديين بشكل عام ؟
ان الدور الاساسي لابقاء هذه الذكرى حية يقوم على عاتق ابناء الجالية . فمن العيب ان تنسى الجالية او ان تتناسى هذه المجزرة التي حصلت في كيبك… واجب الجالية ان تهب عندما تأتي المناسبة وتقوم بفعاليات تذكر بهذه المجزرة وتقدم مطالبها المحقة في الوقوف بوجه كراهية الاسلام .

هل لديكم كلمة أخيرة؟
ندعو مجددا الى الابتعاد عن التقوقع وهو مرفوض وكذلك الانعزال والتشاؤم. كل هذه التحديات ينبغي ان تدفعنا لنكون مواطنين ايجابيين ، نعمل على الارض ونتفاعل مع الآخر ونكون الصورة الحقيقية للاسلام وللمسلمين. ولا بد لنا لمواجهة هذه التحديات ان نكون جزء من المجتمع وان نتفاعل معه ونتطوع في انشطته . لا بد ان يكون لنا تواجد كبير على الصعيد السياسي والاعلامي . لا بد لنا ان نفتخر بهويتنا ولا نخاف على الاطلاق ولا نخفيها . علينا ان نشعر اننا ابناء هذه الوطن ولسنا غرباء عنه ونعمل على اساس ذلك. لطاقم الجريدة منا جزيل الشكر على الجهود المبذولة.

المجلسُ النيابيُّ الكنديُّ يقرُّ ادانةَ “الاسلاموفوبيا” بكل أشكالِها بإجماعٍ مطلقٍ

parl1

 

 

.الجاليةُ الاسلاميةُ في كندا تحقق انجازاً كبيراً

المجلسُ النيابيُّ الكنديُّ يقرُّ ادانةَ “الاسلاموفوبيا” بكل أشكالِها بإجماعٍ مطلقٍ

صدى المشرق ـ مونتريال

في السادس والعشرين من شهر تشرين الاول (اكتوبر) أقر البرلمان الكندي بالإجماع مذكرة لإدانة رهاب الاسلام (الاسلاموفوبيا) في قرار تاريخي وانجاز محقق للجالية الاسلامية بعد العريضة التي عمل عليها المنتدى الاسلامي الكندي، وقد نالت قرابة 70,000 توقيع، رغم ان المذكرة لم تمر في وقت سابق امام البرلمان في بداية هذا الشهر اثر اعتراض احد النواب المحافظين عليها. هذه الادانة من المجلس النيابي لم يسلط الاعلام الكندي الضوء عليها، بل تُجوهِلَت بشكل كبير على عكس ما لو أُفشِلَ تمريرُها في المجلس النيابي .

حول هذا الانجاز للجالية ولكندا والظروف التي رافقت التصويت بشكل عام طرحنا على رئيس المنتدى الاسلامي الكندي الاستاذ سامر المجذوب عددا من الأسئلة. وقد اعتبر المجذوب ان “المجلس النيابي الكندي هو أول مجلس غربي في العالم يُجمع ـ دون اعتراض من احد ـ على إدانة الاسلاموفوبيا بكل أشكالها، مشيرا إلى ان ” لا تكن حزبية او طائفية او جهوية كانت”، بل “تعاونت الجالية مع بعضها ومع المواطنين الكنديين الباقين فكان النجاح لهذا المشروع”. وشدد على أننا “الآن اصبحنا في نقطة بداية، قوية وواضحة وصريحة. علينا ان نواصل العمل السياسي والإعلامي والاجتماعي الآن”، داعيا “الجالية ومؤسساتها وفعالياتها ونشطاءها في كل المجالات ان يبدأوا الآن مرحلة جديدة نضالية، كل من موقعه، من خلال المجال الصحافي او من خلال التواصل مع ممثلي المجلس النيابي للتعامل مع موضوع رهاب الاسلام بشكل جدي، سيما في ظل وجود بعض العناصر التي تملك تعصبا وعنصرية، التي تقوم بالتعرض للأشخاص بالتجريح والتشهير او الاعتداء الجسدي، او للمؤسسات بالتكسير والحرق”

استاذ سامر، بوركت جهودكم التي حققت انجازا مهما في تاريخ الجالية… هل يمكن ان تضعونا في اجواء ما حصل، والمراحل التي قطعتها عملية التصويت على ادانة رهاب الاسلام؟

بعد الفشل في المرحلة الاولى في تمرير المذكرة في البرلمان الكندي في الخامس من شهر تشرين الأول (أكتوبر) الفائت بعد اعتراض احد نواب الحزب المحافظ، وكما وعدنا في مقابلة سابقة معكم ومع العديد من الوسائل الاعلامية اننا سنواصل محاولاتنا باعتبار انه مشروع جالية وليس مشروعا شخصيا. فما جرى اننا اخترنا خطتين. الخطة الاولى كانت كما ذكرنا في المقابلة السابقة ان تمر عبر التصويت، وهذا يحصل من خلال عرض المذكرة امام المجلس النيابي من خلال احد النواب (تسمى بالانكليزية private-member motion )، تُناقش ثم تُحوَّل للتصويت، وقد باشرنا اتصالاتنا بعد الخامس من تشرين الأول مباشرة، وعرفنا ان احد اعضاء المجلس عنده مجال قبل نهاية السنة، بحسب الحصة المحددة لكل عضو، ان يطرح هذه المذكرة للمناقشة والتصويت. اتصلنا به ووُضِعَت الخطوط العريضة والتفاصيل، لكن لم نستغنِ عن فكرة المذكرة الموحدة(unanimous motion)   مرة اخرى، فقوة هذه المذكرة تُستَمدُّ من عدم اعتراض الجميع، وبالتالي تأييد كل الاحزاب والأعضاء، رغم انه قد تشوبها تحديات طويلة، خصوصا أنها لم تُمرَّر في المرة الاولى. بشكل متوازٍ بدأنا اتصالاتنا بالأحزاب كلها، وكان الكلام حول اهمية تأييد المذكرة حال عرضها في المجلس النيابي تحت اي صيغة، إلى ان اعتُدِيَ على مركز تابع للجالية في منطقة سانت ايل قرب كيبك. هنا اسمح لي بالخوض في بعض التفاصيل المتعلقة بالاعتداء: بعدما علمنا بالاعتداء اتصلنا بالمركز لمعرفة تفاصيل ما حدث. اخذنا المعلومات من المعنيين وليس من وسائل الاعلام التي كانت معلوماتها متضاربة. بعدها اصدرنا في المنتدى عبر التويتر بيانا علقنا فيه على الاعتداء وأرسلناه الى كل الاحزاب، ودعونا إلى التعاطي مع ما جرى بجدية وإلى ضرورة الاعتراف بوجود ظاهرة رهاب الاسلام. وهنا الفت إلى أن النائب عن منطقة سانت ايل، وهي من حزب الكتلة الكيبكية، كانت قبل يوم من الاعتداء، داخل اروقة البرلمان في خلال انعقاد احدى الجلسات، قد وقفت لكي تعترض على مجموعة مسلمة كانت في زيارة الى المجلس طلبت مكانا للصلاة ، فنطقت بكلمات ليست مناسبةـ اذا صح التعبير ـ قد يفسر ان فيها تمييزا او رهاباً تُجاه هذه المجموعة. في الليلة نفسها اعتُدِيَ على المركز في منطقة النائب. طبعا لا ندّعي هنا وجود ترابط بين كلامها والاعتداء. في اليوم التالي طُرِحَت مسألتان: المسألة الاولى هي اصدار بيان يدين الاعتداء على المركز، والثانية هي طرح المذكرة من جديد. فأتم الامر السيد توماس مولكير، الذي طرح ادانة الاعتداء على سانت ايل. السيد توماس مولكير وقف وأعلن وقوفه الى جانب الجالية المسلمة، وفي الوقت نفسه أدان الهجوم على مركز الجالية في سانت ايل، والجميع أيده، سيما ان هذا ليس تصويتا. الامر الآخر الذي حصل بعد ساعة من كلام مولكير هو انه اعاد طرح النص الاول لإدانة الاسلاموفوبيا على شكل مذكرة موحدة. اذاً فقد أُدينَ جرى في سانت ايل، والأهم ان المجلس النيابي يدين الاسلاموفوبيا بكلّ اشكالها. كان الطرح جريئا من قبل السيد توماس مولكير، فوافقت عليه كل الاحزاب . لم يعترض اي حزب على الاطلاق، ولا اي عضو.

ما هي اهمية إدانة الاسلاموفوبيا في المجلس النيابي؟

اهميته كبيرة وكبيرة جدا جدا كخطوة اولى على الطريق الصحيح. اولا لا بد ان اشير الى ان البرلمان الكندي هو البرلمان الغربي الاول في العالم الذي يُجمع ـ دون اعتراض من احد ـ على ادانة الاسلاموفوبيا بكل اشكالها، وعلى تأييده الكامل للعريضة التي قدمها المنتدى الاسلامي الكندي في البلاد، وهذا يرسل رسالة واضحة للجالية الكندية المسلمة في كل المقاطعات الكندية: انكم عملتم بشكل محترف وتعاونتم على مشروع مشترك، فكان النجاح. لم تكن هناك حزبية او طائفية او جهوية  تعاونت الجالية مع بعضها ومع المواطنين الكنديين الباقين، فكان النجاح لهذا المشروع. هذا يعطي دليلا على اهمية ان يكون المواطن الكندي المسلم متفاعلا في المجتمع الكندي في كل المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها. اذاً نحن المجلس النيابي الاول الذي يدين الاسلاموفوبيا دون اعتراض وحتى دون نقاش. ماذا يعني ذلك؟ اولا يعني اعترافا بوجود ظاهرة رهاب الاسلام، وقد يجد البعض هذا غريبا. نعم، في البداية، كنا في المنتدى الاسلامي الكندي نواجه في بعض الاحيان خلال السنوات الماضية مشكلة ان يعترف البعض بوجودها. في الفترة الاخيرة بعض الاصوات كانت تدعي انه اصلا لا وجود لهذه الظاهرة في البلاد. ثانيا، القرار صادر عن اعلى سلطة تشريعية في البلاد، وهي تمثل كل المواطنين في كندا وهو امر في غاية الاهمية، من السلطةِ الكتلة الكيبكية والمحافظون. يعني لم يعترض احد من الشرق الى الغرب، وهذا له رمزية كبيرة جدا جدا. ثالثا، عندما تعترف بوجود الاسلاموفوبيا وتدين هذه الظاهرة فمعنى الأمر ان على الحكومة الحالية والحكومات التالية وكل الجهات الرسمية وغيرها ان تنشىء سياسات وتوجهات تعالج هذه الظاهرة الخطيرة، وعليها أن ترسم سياسات وتوجهات لا بد منها بعد عملية الادانة. والفت هنا انه لا يوجد قانون يقول لك ممنوع معاداة السامية، ولكن بمذكرة بعد مذكرة صار الجو السياسي العام يرفض معاداة السامية. الشيء بالنسبة للاسلاموفوبيا، ونفسه بالنسبة للتمييز ضد المواطنين من اصول افريقية، ونفسه بالنسبة للتمييز ضد اهل البلاد الاصليين.

هل هذا يعني منعا لحرية التعبير عن الرأي؟

سُئلنا هذا السؤال كثيرا. طبعا ليس هناك علاقة . هذه الحجة يستخدمها بعض الذين وقعوا في موضوع الاسلاموفوبيا. نحن نقول بشكل واضح ان التعرض لمواطنين كنديين مسلمين بسبب لباسهم ومعتقداتهم وعاداتهم، والتعرض لرموزهم ومؤسساتهم هو تجسيد لظاهرة الاسلاموفوبيا. اما من يريد ان ينتقد ويعبر عن رأيه، فالحرية مفتوحة للجميع ولا نعترض على هذا ابدا.

هل يعتبر هذا نجاحاً لما قام به المنتدى؟

هذا نجاح للجميع. هذا ليس نجاحا لشخص ما او مؤسسة ما او حتى جالية ما. هو نجاح لكندا لان كل كندا قائمة على العدل والمساواة والابتعاد عن التمييز. لذلك فأي اجراء يدعم هذا المفهوم الكندي والقيم الكندية هو نصر لكندا كلها.

هل التصويت على الادانة هو النهاية للجهود المبذولة؟

طبعا لا. هي نقطة البداية. في المراحل الماضية لم نكن في نقطة البداية، والآن اصبحنا في نقطة بداية قوية وواضحة وصريحة . علينا ان نواصل العمل السياسي والإعلامي والاجتماعي وغيره الآن. لا يمكن لأحد ان يقول الآن ان الادانة لم تتم. في عام 2015 ادان المجلس النيابي الكيبكي الاسلاموفوبيا. واليوم ادان المجلس النيابي الفدرالي هذا الأمر. وفي اونتاريو كان هناك اقرار بشهر التراث الاسلامي. ومع الوقت ستصبح الاسلاموفوبيا امرا غير مقبول نهائيا في كندا وكل المقاطعات.  المسؤولية علينا جميعا دون استثناء، ليس فحسب على تجمع محدد، بل على كل المواطنين في كندا، مواصلةُ عملية النضال السلمي والاجتماعي والإنساني حتى تتحول هذه الادانة الى سياسات معمول بها على كل المستويات. أمر آخر: على الحكومة الكندية برئاسة جوستان ترودو، والحكومة تتميز بخطابات ايجابية جدا، أن تحوّل، بعد موافقة الحزب على ادانة الاسلاموفوبيا، هذه الخطابات الى سياسات وتوجهات وأفعال، وان لا يقتصر الامر على الجانب الكلامي والخطابي، الذي لا نعترض عليه على الاطلاق. بالعكس الخطاب يُوجِد جوا إيجابيًّا عامًّا يريح الناس. لكن لا بد ان يتحول هذا الامر بشكل مباشر وسريع الى سياسات عملية. وهنا اطلب من الجالية ومؤسساتها وفعالياتها ونشطائها في كل المجالات ان يبدأوا الان مرحلة جديدة نضالية، كل من موقعه، من خلال المجال الصحافي، او من خلال التواصل مع ممثلي المجلس النيابي للتعامل مع موضوع الاسلاموفوبيا بشكل جدي، سيما في ظل وجود بعض العناصر المتعصبة والعنصرية، وهي تتعرض للأشخاص عبر التجريح والتشهير او الاعتداء الجسدي، او للمؤسسات بالتكسير والحرق.

هل لديكم كلمة أخيرة؟

نجدد شكرنا لكم ولدوركم في ابراز هذه المواضيع المهمة وتواصلكم الدائم مع المنتدى ومع فعاليات الجالية. نراكم قريبا في حفل المنتدى السلامي السنوي. سنحتفل سويا بهذا الانجاز. ايضا سيتميز الحفل بالاحتفاء بأهل البلاد الاصليين بفقرة خاصة بحضور رئيس المواطنين الاصليين في كيبك السيد جوسلان بيكارد.