متى سيَنْعَمُ الكنديونَ بتدابيرِ مكافحةِ رهابِ الإسلامِ؟

متى سيَنْعَمُ الكنديونَ بتدابيرِ مكافحةِ رهابِ الإسلامِ؟

بقلمِ ميراندا غالُّو وسامر المجذوب

(نشرت باللغة الانكليزية في صحيفة هافنغتن بوست)

لن تواجه الحكومة الفدرالية صعوبةً لو قررت تفعيل توصياتِ التقرير المتعلق بالمذكرة المئة والثلاثة (M-103) مع تزايد الدعم الشعبي لهذه الخطوة. 
فمنذ عام 2012 تسهد كندا ارتفاعاً مُطَّرداً في المواقف والحوادث العدائية التي يتعرض لها المسلمون، التي بلغت ذروتَها في الاعتداء الذي استهدف مسجداً من مساجد مدينة كيبك في التاسع والعشرين من كانون الثاني عام 2017، فأودى بحياة ستة وجرحَ تسعة عشر من المسلمين. وقد وعد رئيس الحكومة عقِبَ الاعتداء بدعم المسلمين، مؤكداً النية في “الدفاع عنهم ومناصرتهم”.
وبناءً على المذكرة المئة والثلاثة التي قدَّمتها النائب اللبرالية إقرأ خالد، كُلِّفَت اللجنة الموكلة بالتراث الكندي بإجراء دراسةٍ بشأن كيفية محاصرة العنصرية الممنهجة والتمييز بسبب الدين أو القضاء عليهما، ومن ضمن ذلك مكافحة رهاب الإسلام في كندا. وأخيراً في الأول من شباط، أي بعد عامين تقريباً من دعوة قرابة 70,000 كنديٍّ الحكومةَ لإدانة رهاب الإسلام في العريضة الشبكية (الالكترونية) “إي 411” التي وجهوها إليها، أُصدِرَ التقرير والتوصيات بشأن المذكرة المئة والثلاثة إلى العامة. 
تُظهِرُ بيانات دراسة إحصائية حديثة أجراها “شركاء إيكوس للبحوث” بِاسم “المنتدى الاسلامي الكندي” (CMF) و”الكنديين العاملين للعدالة والسلام في الشرق الأوسط” (CJPME) أنَّ كُثُراً متخوفون بسبب ارتفاع مستوى رهاب الاسلام في كندا، وأنهم يريدون أن تعمل الحكومة لحماية التقاليد الثقافية على تنوعها. 
كذلك أظهرت الدراسة أن الكنديين يُقرُّون بِكَونِ رهاب الاسلام مشكلةً قائمةً، يرفضونها بشدة، ويتوقعون من الحكومة أن تتحرك لمعالجتها. والحقيقة أنَّ نسبة ضخمة- 81%- من الكنديين تقرُّ بوجود رهاب الاسلام في كندا. 
وتشير الدراسة المشتركة التي أسس لها “المنتدى الاسلامي الكندي” و”الكنديون العاملون لأجل العدالة والسلام في الشرق الأوسط” أنَّ غالبية الكنديين تدعم التوصيات الفاعلة لهذا الوقت التي أُصدِرَت بناءً على مذكرة “أم 103″، منها التوصية الثانية والعشرين من التقرير، التي تؤكد أنَّ “على الحكومة الكندية الاضطلاع بدور قياديٍّ كبيرٍ كَي تدين بقوةٍ العنصرية الممنهجة والتمييز بسبب الدين، ومن ضمن ذلك رهاب الاسلام”. وفعلاً أظهرت نتائج الدراسة أنَّ 77% من مناصِري حزب الأحرار (اللبرال) و60% من الكنديين بشكل عام يتفقون على أنَّ عَلى الحكومة التحرك لمجابهة رهاب الاسلام في كندا. 
فلَدى سؤالهم عن “الطريقة الفضلى التي على الحكومة انتهاجها للتعامل مع التحديات التي يأتي بها التنوع الثقافي اليوم”، أبدى الكنديون الذين شملتهم الدراسة دعمهم لكل مسارات التحرك الذي أوصَت به اللجنة. التوصية التاسعة والعشرون من المذكرة “أم 103″، مثلاً، تدعو الحكومة إلى ضمانِ قيامِ المؤسسات القانونية المعنية “برصدِ الخطاب الحاقد على شبكة الانترنت وتفعيل القوانين القائمة” بشكلٍ أفضلَ. 
وكان أكثر مسارات التحرك أهمية بنظر الكنديين المشاركين في الدراسة “إِعمالُ القوانين القائمة بشكلِ أفضل لحماية الأقليات من التمييز العنصري والجرائم الحاقدة”. وقد أيَّد هذه المقاربةَ 48% من المشاركين، ما يشير إلى ثقة الكنديين بالآليات القائمة لدعم التنوع الثقافي. وفي السياق نفسه، يعتقد 42% من الكنديين أنَّ على الحكومة “تدريب موظفيها كي يُداروا الناس على اختلاف ثقافاتهم”، وهذا أمرٌ مذكورٍ في عددٍ من التوصيات في تقرير اللجنة. 
لكن من المُحزِن أنَّ اللجنة لم تستطِع، بعد عامٍ من تلقي الإفادات والدراسة، أنْ تضع تعريفاً ملائماً لمعالجة رهاب الإسلام. فمِن الظاهر أنَّ الجزءَ الأكبر من المعارضة التي وُوجِهَت بها المذكرة كان بسبب “اللبْس” في تعريف رهاب الاسلام، وقد أخفقت اللجنة في معالجة المسألة والإتيان بإجماعٍ بُغيةَ التقدم في حلِّها.
وجاءَت المواجهة الكبيرة في طريق المذكرة بسبب الأصوات التي تؤيد الجهات اليمينية، التي ادَّعَت أنَّ مصطلح “رهاب الاسلام” فيه لبْسَ، في حين أنَّ نتائج الدراسة تُظهِرُ أنَّ 70% من الكنديين قد اتّضح معنى رهاب الاسلام فعلاً بالنسبة لهم. وعليه، إن اتّضحَ التعريف بالنسبة للكنديين، فبالتأكيد تستطيع اللجنة الموكَّلة بمعالجة رهاب الاسلام التوصل إلى صيغة واضحة بشأنه.
يُقال إنَّ الأعمال أشدُّ وقْعاً من الكلمات، وهو كذلك. إذاً حتماً لا بد للحكومة الفدرالية من التحرك الآن وقد بات المسلمون يواجَهون بالتمييز العنصري في كل أنحاء كندا.
لقد انتظر كنديون كُثُر المجلسَ النيابيَّسنواتٍ ريثما يُقرُّ بحقيقة رهاب الاسلام في كندا. لن تواجه الحكومة الفدرالية صعوبةً لو قررت تفعيل توصياتِ التقرير المتعلق بالمذكرة المئة والثلاثة (M-103) مع تزايد الدعم الشعبي لهذه الخطوة، وعليها أن تتحرك لمساندة المسلمين.
(نشرت باللغة الانكليزية في صحيفة هافنغتن بوست)