الهدف من هذه المقالة تقديمُ موجزٍ عامٍّ بشأن الأحزاب السياسية الأساسية المشاركة في الانتخابات العامة في كيبك، التي ستُجرَى في الأول من تشرين الأول عام 2018. مع اقتراب هذا التاريخ، لا بد من التذكير بأن الكيبكيين قد أثبتوا مرة بعد أخرى، بحبهم ووِحدتهم وانسجامهم مع بعضهم، أنهم أقوى سياسيا من محاولات التخويف والإيهام.
*سامر مجذوب، رئيس المنتدى الكندي الإسلامي FMC-CMF
تتحضر أحزاب كيبك للانتخابات المُقبِلة، مُرِشِّحةً وجوهاً جديدةً في دوائر محورية متعددة، فكل من الحزب اللبرالي في كيبك (PLQ)، وحزب الائتلاف لمُستقبل كيبك (CAQ)، وحزب التضامن الكيبكي (QS)، والحزب الكيبكي (PQ)، والحزب الأخضر (PVQ) قد بدأ يستعرض مخططاته في حال الفوز، مُطلقاً وعوده للتنمية الاجتماعية والاقتصادية، وقد جالَ زعماء الأحزاب في أنحاء المقاطعة.
وتُظهِر الأحزاب، بنشاطها، حجم التنافس بينها، لا سيَّما أنَّ نتائج الانتخابات ستحدد مصير كيبك للسنوات الأربع المُقبلة.
يظهر حتى الساعة أنَّ حزب الائتلاف لمستقبل كيبك يتصدَّر الأحزاب الأخرى، يليه الحزب اللبرالي في كيبك، ما يعني أنَّ الحزب اللبرالي يواجه- خلافاً للفترة المنقضية- غريماً سياسيًّا قويًّا بدأت تُظهِر الاستفتاءات تزايد شعبيَّته. ويسعى حزب الائتلاف لتقديم نفسه بمظهر البديل أمام المناصرين التقليديين لكلٍّ من الحزب اللبرالي والحزب الكيبكي.
من زاوية أخرى، يواجه هذان الحزبان معاً تحدياً آخرَ يتمثل بإيمان حزبِ الائتلافِ الصاعدِ بضرورة المحافظة على كيبك كمقاطعةٍ واقعةٍ ضمن الاتحادية الكندية، وبهذا ينافس حزبُ الائتلافِ الحزب اللبراليَّ على الأراضي السياسية التي عَهِدَها الأخير.
بالمُوازاة، يُنافِس حزبُ الائتلاف الحزبَ الكيبكي على أراضيه، مُظهِراً عقائديةً “قومية”، فزعيمُه، فرانسوا لوغو يفضِّل استخدام هذا المصطلح على أن يُعرَف بِاسم السياديِّ المتشدد بالنسبة للغة وسياسات الهجرة والحقوق المدنية للأقليات في المقاطعة.
وبإزالة الجدل بشأن السيادة عن طاولة الانتخابات للمرة الأولى منذ عقودٍ، تحوَّل الجدل إلى مسألة الهجرة.
الحزب اللبرالي في كيبك
تأسس الحزب في الأول من تموز عامَ 1867، وهو ينادي بالديمقراطية الاجتماعية، ويُعتبر متوسطاً أو يمينيا متوسطاً. وهو حزب سياسي فدرالي محلي استقلَّ عن حزب كندا اللبرالي منذ عام 1955.
وقد اختارَ الحزب كُثُراً من خلفيات وعِرقيات متنوعة ليعكس مناداته بالتنوع والشمولية، وعليه فهؤلاء مرشَّحون لعضوية المجلس الوطني (أي المجلس النيابي) في مدينة كيبك.
وبينما يؤيد الحزب منذ البداية إبقاءَ كيبك ضمن المقاطعات الكندية، يدعم الاصلاحات التي تسمح لكيبك بتحقيق مستوًى معينٍ من الحكم الذاتي، وهو يؤمن بدورٍ حكوميٍّ كبيرٍ في الاقتصاد ويدعم السياسات الاجتماعية التحرُّريَّة.
وقد ترك آثاره في السياسات الكيبكية منذ بداية “الثورة الهادئة”، التي غيَّرت المجتمع الكيبكي بشكل ملحوظ. فهو الذي شكَّل، في الواقع، كل حكومات المقاطعة منذ عامِ 2003، إن كانت ذات أقلية أم أغلبية، بِاستثناء 2012-2014، حين تشكَّلت الحكومة بزعامة الحزب الكيبكي.
في تشرين الأول من عام 1967، طلب وزير الحكومة آنذاك، رينيه لوفوسك، من الحزبِ تبنِّي خطته لإنشاء رابطة سيادية، فرفض الحزب، لذا ترك بعض اللبراليين، بينهم الوزير لوفوسك، الحزب اللبرالي لينضموا إلى الحركة السيادية، فشاركوا في تأسيس الحزب الكيبكي بزعامة لوفوسك نفسه.
حزب الائتلاف لمستقبل كيبك
يُعتبَر هذا الحزب السياسي المحلي في كيبك يمينيًّا متوسطاً، أسَّسه وزير الحكومة الأسبق من الحزب الكيبكي، فرانسوا لوغو. وبالرغم من أنَّ خصوم الحزب يشككون في موقف لوغو من سيادة كيبك، فهو ينفي باستمرار نيَّته إجراءَ أيِّ استفتاء شعبي في هذا الشأن.
يعتبر كُثُر، من جهة أخرى، أنَّ سياسات الحزب فتنوية، وكذلك خطابه بشأن القادمين الجدد والجاليات الثقافية في المقاطعة، فقد عظَّم الحزبُ المخاوفَ بشأن هوية واستقلالية مواطني كيبك.
ففي بيانات أصدرها مؤخَّراً، كشف لوغو، بوضوح، رؤيته للحد من الهجرة وإلزام جميع الوافدين بتعلم الفرنسية. وبسبب الأجواء الصعبة التي قد يفرضها حزب الائتلاف، من الوارد أن يشعر الوافدون الجدد بالضيق وأن يغادروا المقاطعة متوجهين إلى غيرها. بيد أنَّ لوغو قد وضع نصب عينيه، هذه المرة، تحصيل الأصوات الانتخابية، مُهمِّشاً معنويات المهاجرين القادمين ومساهمتَهم الإيجابية في المجتمع الكيبكي.
حزب التضامن الكيبكي
حزب التضامن اجتماعي، اشتراكي، سيادي، يساري التوجه في كيبك. أسَّسته فرانسواز دافيد، وهي معروفةٌ كرَمزٍ نَسَوِيٍّ في المقاطعة.
للحزب هذا الهدف نفسه كالأحزاب الكيبكية الأخرى: الانفصال عن كندا، إلا أنه لا ينادي بالانفصال في كل الأوقات، بل يركز على المظاهر الاجتماعية في كيبك، وهو يؤمن بالسياسات الاقتصادية “المتوازنة العادلة”. وقد تحدث الحزب في برنامجه المُعلَن عن مكافحة الفقر من خلال منح الأجر الأدنى للمُحتاجين. كما وعد بالنظر بإنسانية في أحوال العاملين، وذلك عبر تقليل ساعات العمل، ومحاربة التمييز، وتقوية الاتحادات.
من النقاط المفصلية الإيجابية التي تميز الحزب عن سواه أنه لم يتخذ خَيار التعييب على الجاليات بسبب ثقافتها أو عِرقها أو دينها سلاحاً له، وقد عمل على عدد من المبادرات لتحقيق الشمولية في مناطقَ معينة.
عام 2015، زارت فرانسواز دافيد إحدى مدارس الجالية الإسلامية في أثناء جلستها الأولى، لِتستهدفها في ما بعد حملةٌ من الانتقادات اللاذعة أطلقها “متخوفون” من الإسلام. ومع ذلك، فقد قامت بخطوة كبيرةٍ في مجلس كيبك الوطني، فقدَّمت في الأول من تشرين الأول عام 2015 عريضةً لإدانة “رهاب الإسلام”، فلاقَت العريضةُ توافقاً بالإجماع.
هذا وأمَّن حزب التضامن الكيبكي الفرصةَ لعدد من ناشطي المجتمع للترشح للانتخابات العامة المقبلة.
الحزب الكيبكي
سياسيٌّ محليٌّ في كيبك، يُروِّج لسيادة كيبك القومية، التي تشمل الاستقلال عن كندا وتأسيس دولة ذات حكم ذاتي.
نشأ الحزب الكيبكي عام 1968 باندماج “رابطة الحركة السيادية” التي تزعَّمها وزير الدولة الأسبق في الحزب اللبرالي رينيه لوفوسك، و”الحَشد القومي”. بعد تأسيس الحزب، عقدَ “التجمُّع للاستقلال القومي” جلسة عامة صوَّتَت لحلِّ “الحشد القومي”، ودُعِيَ أعضاؤُه للانضمام إلى “الحزب الكيبكي” الجديد.
وعامَ 1976، شهدت الانتخابات الكيبكية تشكيل أول حكومة محلية عن طريق حزب سياسي مستقل. وقد اعتبر الحزب نفسه تقدمياً، يساريَّ التوجه في البداية، غير أن علاقاته بالجاليات الثقافية في كيبك كانت شديدة التوتر، متزلزلة، فلطالما اعتمد الحزبُ سياسات وخطابات شديدة القسوة تُجاهَ الكيبكيين ذوي الخلفيات الثقافية والدينية.
الآنَ يواجه الحزب تحديا حقيقيّاً، فهو احتل المرتبة الثالثة في الاستطلاعات الانتخابية الأخيرة، ومن الواضح أنه يفتقر إلى الدافعية لتعديل برنامجه الانتخابي بما يتلاءَم وآراء الكيبكيين.
أما بشأن نظرة الحزب إلى علاقته بالمجموعات الثقافية المتنوعة في المقاطعة، فهو يعتبرها متجسدة في “شرعة القيَم” التي قدَّمها. لكنه ما زال يتلقى ضربات سياسية هائلة منذ هزيمته المدوية في انتخابات عام 2014، وما يزال يعاني من نتائجها.
حزب الخُضر الكيبكي
يتبنى الحزب الأخضر القيَم البيئية في برنامجه الانتخابي، وهو متوجه ناحيةَ التنمية المستدامة والديمقراطية التشاركية، يريدُ تمييز نفسه عن الأحزاب الكيبكية الأخرى عبر تمثيل الفدراليين اليساريين في المقاطعة.
والحزب هذا عبارة عن ائتلافٍ من الناشطين والمواطنين المهتمين بالبيئة قبل كل شَيْءٍ، فهُم يؤمنون أن على الحكومة المساعَدة في تكوين مجتمع أكثر اخضراراً وتساوياً وديموقراطية. له مبادئُ مركزية يستوحيها من “الشرعة العالمية لأحزاب الخُضر”، وهي تتمحور حول ست أفكار أساسية: الحكمة في التعاطي مع المحيط البيئي، والعدالة الاجتماعية، والديموقراطية التشاركية، والعدالة الاجتماعية، وتفادي العنف، والمحافظة على التنوع واحترامه.
وقد رشح الحزب عدداً من النساء ذواتِ الخلفيات الثقافية والدينية والعِرقية المتنوعة سعياً منه للترويجِ للتنوع الثقافي.ِ
.Article written originally in English for Huffingtonpost
https://www.huffingtonpost.ca/samer-majzoub/quebec-election-2018-parties_a_23510636/