
و هكذا مرًت دراما الانتخابات الاميركية بفوز بايدن باكثرية شعبية قاربت الخمسة و سبعين مليون صوت و التي ترجمت حس القانون الانتخابي المعمول به في الولايات المتحدة 290 صوت من المجمع الانتخابي مقابل 214 صوت لترمب حسب associated press
ماذا بعد ، لا شك ان عصر “الترمبي” نسبة لترمب، لن ينتهي بخسارة الرجل. فقد حصل دونالد ترمب على اكثر من 47% من المقترعين في الانتخابات . و ذكرت و سائل إعلام ان 55% من النساء البيض صوتوا لترمب بالرغم من كونه متهم بازدراء النساء الى حدود التحرش الجسدي بهم. اضافة الى حقيقة ان الأكثرية الساحقة من أنصاره هم من البيض الاميركين . و هذه الأرقام ألتي قد تكونة صادمة ، الا انها تعكس واقعا يجب عدم تناسيه او القفز من فوقه و الضرورة الانتباه له بالرغم من الشعور بالراحة التي اصابت الكثيرين بهزيمة ترمب
على الصعيد الداخلي الاميركي ، لا شك ان المجمتع الاميركي لم يشهد، في تاريخه الحديث ،حالة الانقسام العنيقة و القائمة على التفرقة و الاحقاد كما شهدها في عصر ترمب . وصل الامر الى ان لَبْس الكمامة المطلوبة للوقاية من فيروس كوفيد-١٩ المستجد ، يعتمد على الانتماء السياسي و العقائدي للفرد. و لم يعد لمنطق الأمور و العلم مكان في نقاش المستجدات و الضرورات . و بالتالي ، هزيمة ترمب أعطت متنفس للمجتمع الاميركي لكي يلملم جراحه ، ذلك ان استطاع ، و يحاول اعادة اللحمة بين ابناءه
على الصعيد الاقتصادي ، بالرغم ماذكر من إنجازات في هذا المضمار، الا ان تعاطي ترمب مع جائحة كورونا و ما أدت اليه عصفت بما قد يكون قد تحقق مع تأثيرات سلبية عميقة طويلة المدى سوف يدفع ثمنها المواطن الاميركي لزمن طويل
بالنسبة للسياسات ات الخارجية للإدارات الاميركية و خصوصا بما يتعلق بمنطقة الشرق الأوسط ؛ ليس متوقع ان يحصل تغييرات جذرية. و ان يكن من غير المستبعد ان تحصل بعض عمليات الرتوش و التجميل بالنسبة لبعض الملفات الشائكة في المنطقة . و لكنها دائما تصب في خانة المصالح العليا الاميركية و ألتي لم تتغير مع مرور السنوات و العقود
بالنسبة لعلاقة الاميركية الكندية، فمن المتوقع تحسنها بعد مرورها بفترات توتر شديد يعود بالأصل على اختلاف شديد في العقيدة السياسية بين ترمب و ترودو ، الأول ، يؤمن بفوقية العرق و الإنتماء و الثاني يؤمن بالتعددية رافضا العنصرية و التمييز . و كان ترودو من أوائل من قادة العالم الذي غرّد بالتهنئة على فوز بايدن . اضافة الى العامل الاقتصادي ، حيث أعلن ترمب عن حروب عبثية تجارية شرسة مع كثير الدول و منها كندا أدت الى تفاقم حالة عدم الثقة التي اصابت صانع القرار الكندى
احدى النواحي التي قد تكون تعرضت الى هزّة مع خسارة ترمب للانتخابات هي التيار الشعبوي المتشدد و اليمين المتطرف . كانت سياسات ترمب تقوم على تشريع فج للكراهية و بث التفرقة و تشجيع العنف العرقي و جعل العنصرية حالة و كأنها وجهة نظر و ليست حالة بشعة من التمييز القائم على مبداء الشعور بالفوقية . التيار الشعبوي وجد في ترمب ضالته ، رئيس جالس على عرش أقوى دولة على ظهر الارض يتغنى ليلا نهارا بألفاظ و سياسات تقوم على الازدراء بالغير و يحرض على من يخاصمه و يبرر حمل السلاح و استخدامه لأغراض لا علاقة لها بالسلم الأهلي و الوئام بين ابناوءه . و كان ترمب يتبنى اُسلوب التنمر على الأفراد و الصحافة و الكثير من النساء دون وازع او حتى ادنى ادبيات العمل السياسي . برحيل دونالد ترمب يكون التيار الشعبوي المنتشر فى العالم الغربي على الوجه الخصوص قد خسر حليفا و مسوّقا لهذا الفكر من الوزن الثقيل
يأتي تعليق نيويورك تايمز عن نتائج الانتخابات الرئاسية، ترمب كابوس على وشك الإنتهاء ، ليعكس حالة الاستقطاب الشديدة التي أوجدها ترمب داخل المجمتع الاميركي
قد يكون الكثير ممكن صوتوا لبايدن إنما قاموا بهذا للتخلص من عبء سياسات ترمب . و الجدير ذكره ان بايدن قادم من مدرسة السياسية الاميركية التقليدية التي تعلن التزامها بخطوط و حدود و شكليات و خصائص العمل السياسي الأمريكي منذ تأسيس الفيدرالية حتى مجيء دونالد ترمب
طبعا لا يوجد من يتوقع ان تتحول الولايات المتحدة الى دولة مثالية ، فهي لم تكن كذلك حتى تعود الى تلك الحالة . إنما الامل ان تقف حالة الانحدار السياسي و أدبياته التي كان ترمب مرشدها و ملهمها. و ان تهداء حالة التوتر المجتمعي التي سادت في الأربع السنوات الماضية !
سامر مجذوب